وجهان متناقضان لثورة العمل في الصين التقنية
بين ضغط الساعات الطويلة وحلم استقطاب العقول ....الصين تعيد رسم خريطة العمل في قطاع التكنولوجيا
في العقد الاخير اصبحت الصين واحدة من اكثر البيئات التكنولوجية تنافسا في العالم ومع صعود شركة عملاقة! مثل ‘علي بابا”و”تنسنت” و”هواوي” تشكل في الداخل نظام عمل صارم يعرف باسم “ثقافة 966″ اي العمل من 9:00 صباحا الى 9:00 مساء ستة ايام في الاسبوع،
لكن في المقابل اطلقت الحكومة الصينية مبادرات الاستقطاب للعقول المبدعة من خارج البلاد عبر تأشيرة “K”الجديدة التي تهدف الى جعل البلاد مركز جذب للمواهب التقنية العالمية بين ضغط الارهاق وفرص الازدهار تقف الصين اليوم عند مفترق طرق يحدد مستقبلها في السوق العمل العالمي.
ثقافة966:الانظباط ام الاستنزاف؟
ثقافة 966 تمثل وجها صارما لطموح الصين في الريادة التكنولوجية، فالشركات الكبرى تراها في هذا النظام وسيلة للتعزيز من الانتاجية وتسريع الابتكار في بيئة تنافسيه لا ترحم.
الا ان الجانب المظلم لهذه الثقافه بات واضحا:
- الارهاق المزمن لدى الموظفين الشباب
- انخفاض جودة الحياة وتراجع التوازن بين العمل والحياة الشخصية
- تصاعد الانتقادات الاجتماعية عبر الانترنت خاصة من الجيل الجديد الذي يرفض العيش للعمل
لقد اصبحت الثقافة 996 رمزا للجدل بين الابداع القسري والاستغلال المقنع، واثارت نقاشا عالميا حول حدود الطموح المهني في العصر الرقمي.
تأشيرة K:استقطاب العقول لبناء المستقبل
في خطوه تعكس الوجه الاخر من فلسفة العمل الصينية،اطلقت بكين تاشيره “K” جزء من استراتيجية لاستقطاب الكفاءة الاجنبية المتميزة في مجالات التكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والبحث العلمي.
تمنح هذه التاشيرة:
- اقامة طويلة الامد للمواهب المتخصصة
- تسهيلات في العمل والاقامة
- امكانية ضم العائلة وتسهيل الاجراءات الادارية
بهذه الخطوة تسعى الصين الى تصدير صورة جديدة للعالم،بلد لا يكتفي بعمل شاق بل يفتح ابوابه للابداع والمعرفة المتبادلة
التأثير على المشهد العالمي للتوظيف
يظهر التناقض بين الثقافة 996 وتاشيرة K تحول استراتيجيا في سوق العمل الصيني فمن جهة تحافظ الصن على انضباطها الانتاجي الداخلي ومن جهة اخرى تسعى لبناء بيئة عمل اكثر انفتاحا وابتكارا لجذب العقول، هذا التوازن الجديد بدا ينعكس عالميا على المواهب التقنية الاجنبية فقد اصبحت ترى في الصين فرصة واحدة رغم التحديات بالاضافة الى الشركات الغربية التي بدات تعيد النظر في انظمة عملها لتنافس سرعة الابتكار الصيني ولا ننسى النقاش حول مستقبل العمل الذي اصبح عالميا ويتمحور حول سؤال محوري كيف نحقق التقدم دون ان نفقد انسانيتنا؟!
بين ايقاع 996 المتسارع وتاشيرة K المنفتحة،تعيد الصين تعريف فلسفة العمل في القرن 21 فهي تسعى الى الجمع بين قوة الانضباط وسحر الابداع في معادلة قد ترسم ملامح اقتصاد المستقبل، لكن يبقى التحدي الحقيقي هو في تحقيق التوازن بين طموح لا يعرف الراحة وبيئة عمل تحترم حدود الانسان.